jawhar xp عضو جديد
عدد المساهمات : 9 نقاط : 5698 تاريخ التسجيل : 10/05/2009 العمر : 28
| موضوع: نساء ناشطات جدا نيني 13.05.09 16:42 | |
| رشيد نيني نساء ناشطات جدا
مدام«باء جيم» امرأة تحب الأطفال كثيرا، ومن شدة حرصها على تعليم الأطفالتعليما جيدا فقد أرسلت أبناءها ذوي الخدود الوردية إلى كندا لكي يدرسواهناك بعيدا عن أبناء الشعب الوسخين. ولكن هذا لم يمنعها من تأسيس جمعيةلرعاية الأطفال اليتامى في المغرب وطرق أبواب البنوك والمؤسسات الحكوميةلكي يوقعوا لها شيكات باسمها. فحساب جمعيتها التي سمتها «جمعية المنشار»،تيمنا بالمثل المغربي الذي يقول «داير كي المنشار طالع واكل نازل واكل»،فتحته باسمها الشخصي، والذي بمجرد ما يسمعه مديرو البنوك والمؤسساتالرسمية حتى يفتحوا، بالإضافة إلى أفواههم، دفاتر شيكاتهم عن آخرها.مشكلة مدام «باء جيم» هي أنها مرهفة الإحساس، ولذلك فهي لا تستطيع أنتذهب لزيارة هؤلاء الأطفال الذين تجمع المساعدات باسمهم في أحيائهمالقصديرية التي يخترقها الواد الحار الذي يلعب حوله الأطفال، لأن مغامرةمثل هذه قد تكلفها «طالون» حذائها المصنوع من جلد التمساح، التمساح نفسهالذي تشترك معه في دموعه.لذلك فهي تفضل أن تتحدث عن هؤلاء الأطفال في قاعات «الشيراطون» أو«الهيلتون» المكيفة. فهناك يكثر المحسنون الذين يبحثون عن جمعية يمنحونها،أمام المصورين، شيكات سمينة. لكي ينتظروا صورهم عند بداية الشهر على صفحاتالمجلات الصقيلة التي تتخصص في نشر أخبار تلك الأنشطة الخيرية من صنف خمسنجوم. وأيضا لكي ينتظروا خصم تلك المساعدات من ضرائبهم السنوية التييدفعونها للدولة مكرهين وكأنهم يدفعون لها طرفا من أكبادهم. هناك، في تلك الصالات المكيفة حيث الكنبات الحريرية العريضة وعازفالبيانو الذي لا أحد ينتبه إلى السمفونيات المبتذلة التي يكررها كل يوم،تلتقي «مدام «باء جيم» بصديقتها ماضموزيل «عين كاف»، التي للأسف الشديد لمتتزوج بعد، لأن القطار الذي طالما انتظرته لم يتوقف في محطتها ومضى يصفروينفث دخانه بعيدا عنها، فيما هي بقيت تنفث دخان سيجارتها الشقراء بشراهةوهي جالسة حول المائدة المستديرة التي تناقش سبل القضاء على ظاهرة تشغيلالفتيات الصغيرات. وقبل أن تغلق هاتفها «الموطورولا» وردي اللون الذيجاءها هدية عندما حضرت حفل تقديمه من طرف فرقة من فرق التعري الراقص فيأحد بارات الدار البيضاء، تجري مكالمة سريعة مع الخادمة في البيت، والتيليست سوى فتاة في العاشرة من عمرها جلبتها من نواحي بني ملال عندما ذهبتلكي تحسس سكان المنطقة بضرورة التخلي عن إرسال بناتهم للعمل في المدن، لكيتتأكد من أن الخادمة التعيسة غسلت صحن الفيلا جيدا. لكن بما أنها ليست مثلأولئك البورجوازيين المتعفنين الذين يحبون استعباد الخادمات ومنحهم مائةدرهم في الشهر، فإنها قررت أن تمنحها مائتي درهم في الشهر. مع إمكانيةالسماح لها بزيارة عائلتها مرة كل ستة أشهر. مدام «باء جيم» وماضموزيل «عين كاف» تعشقان الحديث عن قضية المرأة،إنهما تعتبرانها قضيتهما الشخصية. لكنهما لا تحبان الاختلاط بالنساءاللواتي يحاولن كل يوم تسلق الأدراج نحو طبقتهما المخملية. فهؤلاء النساء،في نظرهما، أفاع سامة تبحث عن فريسة يلتوين حولها مثل «أناكوندا» أدغالالأمازون لكي يخنقنها على مهل قبل ابتلاعها دفعة واحدة. لذلك تحرص مدام«باء جيم» على ترك زوجها خارج انشغالاتها النضالية. وإذا ظهرت ذات مساءبصحبته في حفل خيري فلكي يوصلها فقط إلى باب الفندق ويعود إلى البيت لكييتحدث مع أبنائه بالإيميسين من كندا، ويطمئن على وصول الحوالات البريديةالتي أرسلها إليهم من عائدات سيارات الأجرة التي يملك رخص استغلالها،والتي لا أحد يعرف كيف حصل عليها، مع أنه لم يقاوم في حياته شيئا آخر غيرالنوم أمام التلفزيون في انتظار زوجته.تذهب مدام «باء جيم» وماضموزيل «عين كاف» ثلاث مرات في الأسبوع إلىنادي الأيروبيك. تدفعان له كل شهر ما يوازي راتب موظف في السلم سبعة. وفيكل حصة تتعلمان رقصة من نوع جديد. بالأمس تعلمتا رقصة «الصامبا»، فالمؤتمرالذي سيسافران إليه الشهر المقبل في البرازيل حول حقوق الطفل سيكون مناسبةلاستعراض منجزات الجمعية في الأشهر الأخيرة، وأيضا مناسبة لاستعراض ماتعلمنه في نادي الأيروبيك في النوادي الليلة. وتقريبا في كل مؤتمر تذهبانإليه تصنعان ذلك معا، حتى إن شكوكا أصبحت تحوم في الأوساط المخملية حولعلاقة غريبة تجمع بين المرأتين. أنتم تعرفون ألسنة المغاربة الطويلة،عندما لا يصلون إلى اللحم يقولون بسرعة إن رائحته عطنة.لكن مدام «باء جيم» لا تهتم للشائعات، كل ما يشغل بالها هو البحث عنتمويلات جديدة لمشاريعها التي لا أحد يراها سوى على أغلفة المجلاتالصقيلة. قبل يومين تعرفت إلى مدام «خاء خاء»، سيدة في أواسط العمر متزوجةمن ثري يقضي معظم وقته متنقلا بين الطائرات، فيما هي تقضي معظم وقتهامتنقلة بين غرف النوم. امرأة متحررة كما يحلو لها أن تقول عن نفسها. تعرفأن زوجها ليس قديسا لكي لا يخونها مع كل تلك الفتيات الجميلات اللواتييرافقنه في رحلاته كمعاونات له. لذلك فهي تنتقم منه بمنح نفسها لشبابتلتقي بهم في نهايات الأسبوع بعلب مراكش الليلية. قاعدتها الذهبية التيتعمل بها هي أن العمر عشرة أيام، سبعة تضيع في العادة الشهرية، لذلك يجبالتمتع بالحياة كل دقيقة. ولأنها مشكلة «خاء خاء» أنها أحيانا تشعر بالملل وتريد أن تشغلحياتها بعمل اجتماعي. اقترحت عليها مدام «باء جيم» أن تؤسس جمعية لتوعيةالنساء بمخاطر السرطان. وأخذتها من يدها وطرقت بضعة أبواب وصافحت بضع أيادوقبلت وجوها سمينة. وبعد ذلك، خرجت الجمعية وانطلقت برأسمال محترم مسجلباسم «خاء خاء». وعندما سألت مدام «باء جيم» أن تعلمها كيف تشتغل، نصحتهابتنظيم مؤتمر علمي وتدعو إليه بضعة أطباء من الخارج، وبضعة صحافيينمستعدين للكتابة عن أي شيء، ثم تحجز للجميع في فندق من فئة خمس نجوميستطيعون أن يسهروا في علبته الليلة بعد المؤتمر مع فتيات رخيصات، وسترىالنتيجة في اليوم الموالي.انضمت مدام «خاء خاء» إلى المجموعة بسرعة واندمجت فيها مثل قطرة ماء.لكل واحدة منهن سيارتها «الكات كات»، وبطاقة انخراط في أرقى نوادي الغولفبالمملكة، وأطفال يدرسون بالخارج، وأزواج متفهمون يقدرون الجهود الجبارةالتي تقوم بها زوجاتهم لدفع البلاد نحو المزيد من التقدم.إنهن نساء «ناشطات» بكل معنى الكلمة. يستطعن إقناع المنظمات العالميةبمنح جمعياتهن ملايين الدولارات مقابل إنشاء رديء يحررنه فوق خمس أوراقبيضاء يشرحن فيها فكرتهن الخلاقة لإخراج المرأة من العزلة ودفعها إلىالمشاركة السياسية.تبقى ملاحظة أساسية يجب الإشارة إليها في هذا الصدد، وهي أن هؤلاءالسيدات كلهن شخصيات متخيلة ولا يوجدن في الواقع. وكل تشابه بين هؤلاءالسيدات المحترمات ونساء يوجدن حقيقة في الواقع هو محض مصادفة. ورب صدفةخير من ألف ميعاد. | |
|