محطم الحواجز عضو جديد
عدد المساهمات : 2 نقاط : 5667 تاريخ التسجيل : 22/05/2009
| موضوع: الحياة في خمسة ايام 23.05.09 20:24 | |
| الغرفة لا تتعدى مساحتها ثلاثة امتار مربعة , اثاث رث لا يعدو ان يكون سرير انكسرت احدى اعمدته وقد عوضت بالطوب الاحمر , كومة من الكتب في الزاوية اليمنى يقابلها كرسي يدوي الصنع يخال المرء ان كل تلك الاوراق والصفحات لا تعدو ان تكون طاولة اكل . صور كثيرة غلفت جدران الغرفة الاسمنتية لحيوانات وطيور متنوعة القاسم المشترك بينها الاقفاص الحديدية التي قيدت داخلها. اول ما تلاحظه عند الولوج الى الغرفة اطارا خشبياوضعت فيه شهادة جامعية اختلطت الوانها في احدى زواياها نتيجة تسرب مائي .تحتها مباشرة يومية عتيقة يتوسطها اية قرأنية . محتويات هذا الفضاء هي كل ما يملكه سعيد ذي الاربعة وثلاثين سنة والتي رغم قلتها الا انها تزداد نقصا يوما عن يوم. يعيش بالكفاف فالعمل غير قار ولا يكفي لسداد لقمة كريمة ولكن رغم ذلك فالعمل هذا يناسبه فهو غير شاق بالمرة والاهم انه لا يتعدى اربعة ايام في الشهر الواحد حيث يعمل نادلا في مقهى شعبي توجد باحد الاسواق الاسبوعية مما يترك له فرصة البحث عن عمل محترم يوازي تكوينه العلمي . وفقط في يوم السبت يكون ملزما عليه الاستيقاظ فجرا للتواجد بالمقهى في الوقت المناسب , حيث دأب منذ التحاقه بالعمل ان يقوم بجولته الصباحية في السوق بين اكوام السلع المختلفة بسرعة خاطفة لا يتوقف فيها الا عند بائع الكتب المستعملة الذي تربطه به علاقة تجارية فكثيرا ما باعه كتبه في اوقات الازمة . القى التحية بشكل الي وبدأ يتمشى بين صف الكتب واضعا احدى يديه على الكتب يتحسسها والاخرى في جيب سرواله. استوقفته احدى العناوين كثيرا وقرأ العنوان بصوت مرتفع " كيف تصبح مليونيرا في خمسة ايام" قبل ان يغوص في تفكيره راجعا بذاكرته الى الوراء يوم اهداه والده وهو طفل صغير لا يتعدى السبع سنوات كتيب تعليم الصلاة في خمسة ايام والى الان لا يعرف لم يتعلم الصلاة كما يجب , وتذكر يوم اشترى كتاب تعلم اللغة الفرنسية واللغة الانجليزية والاسبانية وكلها في خمسة ايام ولم يوفق في التكلم بها حيث لازمته لغته العربية كأنه القدر المحتم حتى وهو ينال اعلى الشهادات الجامعية في الدراسات القانونية . تذكر يوم تخرج من الجامعة وهو لم يتجاوز بعد ال27 من العمر عندما اشترى كتابا ضنه بوابة العبور يعطيه الخطوات العلمية ليصبح رجلا ناجحا في خمسة ايام وتحسر كيف انتهى به الامر في تلك الغرفة التي تشبه لوحة من لوحات العصور الوسطى . ولم ينتبه الى نفسه الا عندما وقف في وجهه صاحب المقهى يحثه على الاسراع الى العمل بصوت غاضب. أعاد الكتاب الى موضعه وتحسس جيبه مطمئنا على 10دراهم كانت بحوزته وقد عقد العزم على ان لا تنطلي عليه الحيلة مرة اخرى | |
|